الأربعاء، 2 يناير 2013

النجم الذهبي" حكاية روسية للأطفال ترجمة:د. محمد عيسى الأنصاري


النجم الذهبي

تعريب د. محمد عيسى الأنصاري 
رسوم رضون الرياحي 


كان يا مكان في بلدة صغيرة، تعيش فتاة اسمها آنوشكا. تبلغ من العمر ست سنوات، لكنها كانت فتاة ذكية جداً. تحب النجوم حباً جماً (كثيراً). وفي وقت متأخر من الليل، كانت غالباً ما تستيقظ من فراشها، وتجلس على الأريكة لتمضي وقتا طويلا مستمتعة بجمال السماء المزينة بالنجوم المتلألئة. 



وأكثر ما يعجبها هو ذلك النجم الذهبي الصغير. فكانت تتأمله كثيراً حتى راحت تكلمه أحيانا. لكنها في إحدى المرات وبينما كانت تتأمل النجم كعادتها، لاحظت كيف ازداد التماعه، ثم امتدت منه حزمة رقيقة من الضوء، لتكتب على زجاج النافذة عبارة:ما هو اسمك يا فتاتي؟ أنا اسمي - «الشظية». ذكرت آنوشكا اسمها، وقالت إنها حقا تحب «الشظية» كثيراً. عندئذ قال النجم «الشظية» إنه يود دعوتها للزيارة لتكون ضيفة عليه. خافت الفتاة في البداية، ولكنها هدأت بعد ذلك، ثم وافقت. أرسل «الشظية» شعاعاً آخر من الضوء ليأخذ الفتاة برفق، حاملاً إياها عبر السماء الليلية المزينة بالنجوم إلى ربوع النجم الذهبي. لم يستغرق الأمر سوى لحظة، ووصلت آنوشكا بالفعل إلى وجهتها. 



تلفتت الفتاة حولها فرأت عالماً رائعاً مليئاً بالأنوار الذهبية. أوراق الأشجار كان لونها ذهبياً، مثلها كأوراق شجر الاسفنديان والبتولا أثناء فصل الخريف في موطننا كوكب الأرض، الأعشاب كانت ذهبية اللون، والثمار الغضة (الطرية) فوق الأشجار تلألأت كذلك بلون ذهبي. وأيضاً غطى أجساد الحيوانات وبَرٌ ذهبي مائل للاحمرار. خرج أناس قصار القامة لاستقبال الفتاة كأطفال في سن السادسة أو السابعة ويلبسون ملابس خفيفة متلألئة بلون ذهبي. كانت وجوههم مبتهجة وودودة. وفي الحال، أخذوا آنوشكا معهم وبدأوا في إطلاعها على كل شيء، وإطعامها بنوع غير عادي من الفاكهة. 



سألت الفتاة: «لماذا يسمى نجمكم الشظية؟» 



عندها جاء رجل مسن، أجلس الجميع فوق مرج ذهبي ومن ثم بدأ يحكي قصة عن موطنهم الشظية: 



- كان ذلك في قديم الزمان، عندما كان نجمنا كبيراً جداً، وأمتنا كانت قوية، وكان سكانها طوال القامة يصلون إلى مترين. في البداية، عشنا معا في سلام ووئام. وكنا نملك كل ما يمكننا من العيش حياة خالية من الهموم. نجمنا قدم لنا الطعام والملبس وغيرهما، بحيث وفِّر لنا كل الاحتياجات دون عناء. لم يجد الرجال الأقوياء مكاناً لاستخدام قواهم. فقاموا بترتيب البطولات والمسابقات لاستعراض قوتهم. ولكن مع مرور الوقت، أصبح هذا لا يجلب السلوى لهم ولا يرضيهم. في السابق، كان الخصم المهزوم في البطولة يُترك على قيد الحياة، ولكن في وقت لاحق أكثر فأكثر أصبح الفائزون أكثر قسوة وبدأوا في قتل خصومهم المهزومين، وهذا كان يعجب المتفرجين ويمتعهم. الناس أصبحوا قساة يحبون الشر. ثم بدأت الحرب الدموية. ارتجف النجم من هول صرخات الناس الذين يموتون. والناس يقتلون بعضهم بعضا. وفجأة، وفيما كان الناس لاهين في جنونهم وعلى شفا تدمير بعضهم البعض دوى هاتف من السماء قائلاً لهم: اجمعوا كل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ست وسبع سنوات وانقلوهم إلى بقعة لم يعش فيها أحد من البشر، واتركوهم هناك، ومدوهم بالخبرة الكافية للبقاء على قيد الحياة، هذا من أجل الحفاظ على حياتهم ولإنقاذ أرواحهم من الضغائن. وكذلك للإبقاء على براءة الطفولة والطيبة. وهذا ما حدث بالفعل. 



بعد ذلك تعرض النجم الذهبي لانفجار رهيب. وتطايرت قطع متفرقة من جسده في الفضاء، بينما سلَم جزء صغير فقط من النجم، حيث عاش الأطفال والحيوانات ونمت الغابات. وهكذا تحول النجم الذهبي الكبير ليصبح نجيماً صغيراً. وبقي الأطفال كما هم ولم ينموا ويكبروا كما هي حال آبائهم. لم يهبهم الله قوة عظيمة ولا طول القامة، ولكنه وهبهم العطف ومحبة الله والعالم المحيط بهم، وحب بعضهم بعضاً. إنهم يعملون بجد ويعتنون غاية العناية بنجيمهم الذهبي. واليوم بإمكانهم أن يضعوا كل شيء بأيديهم وبالعمل والحب. وهم يعيشون الآن معاً بسلام وود وابتهاج، مستمتعين بكل يوم من أيام حياتهم. بينما قطع النجم الذهبي التي تطايرت في الفضاء فيما مضى، بدأت في العودة إلى النجيم لتلتصق به من جديد ولتساهم في زيادة حجمه. وسكان النجيم الذهبي سمّوه الشظية، الأمر الذي يعني أنه شظية من نجم كان فيما مضى كبيرا. ولكنه، سيعود ليكون مرة أخرى كبيراً، لأن الحب والطيبة يجذبان في اتجاههما مثيلاتهما. 



والضيفة أنوشكا التي ذهبت في سبات (نوم) عميق وضعها النجيم الذهبي في أرجوحة ضوء حملتها بحذر إلى سريرها هناك على الأرض موطنها الأم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق