الخميس، 24 يناير 2013

"فلة.. والعَصفور "قصة للأطفال بقلم: زوزان صالح اليوسفي

فلة.. والعَصفور
زوزان صالح اليوسفي
كانت الساعة تشير إلى التاسعةِ مساءً، تقدمت فلة نحو أمها بخطواتها الصغيرة وهي تحملُ عَروستها المُفضلة نونة، طلبت مِن أمها قائلة: هيا يا ماما لقد حانَ مَوعد حِكاية هذه الليلة لترويها لنا.
ففلة الصغيرة لا تنام إلا بعد سماعِها لحكايةٍ مِن حِكاياتِ أمِها، أمسكت الأم بيدِ فلة وأخذتها إلى غرفتِها، وهي تفكر ماذا ستروي لأبنتها هذه الليلة؟   فهي تعلم أنهُ أمرٌ وواجبٌ يومي لابد منهُ، وما أن وصلتا إلى الغرفة؛ حتى رَكضت فلة نحو فِراشِها وهي تحضنُ عَروستها نونة بكل حنان وبينما كانت الأم تغطي فلة في الفراش، هَمست فلة لعَروستها قائلة: نونة كوني فتاة هادئة لأنَّ موعد الحِكاية قد حَان، (ثمَّ نظرت إلى أمها بشوق ) وطلبت بلهفة قائلة: هيا يا ماما ماذا ستحكي لنا الليلة؟
جلست الأم وأبتسمت بحنان وكانت تدرك مدى لهفة فلة لِسماع الحكاية، فأجابت بحنان قائلة: أسمعي يا حبيبتي سأروي لكِ الليلة حِكاية العَصفورة والشوكة.
فرحت فلة وظنت إنها حِكاية جديدة فأجابت بلهفة وسعادة قائلة: رائع، حِكاية جديدة يا ماما أليس كذلك؟
فأجابت الأم قائلة: لا يا حبيبتي هذه الحِكاية كنتُ أرويها لك عندما كنت في الثالثة والرابعة مِن عُمركِ إنها حِكاية للأطفال الصِغار جداً، وكنتِ حينها تستمتعين بها كثيراً، والآن أصبحت في السابعة، وبدأت أروي لك الحِكايات المُناسبة لِعمرك، وبما أنني مُتعبة قليلاً هذه الليلة لذا أخترتُ لك هذه القصة القصيرة، أرجو أن تستمتعي بها، فأجابت فلة ببراءة قائلة: حسناً يا ماما، أنا ونونة مُتلهفات لِسماع الحكاية، هيا أبدئي.
بدأت الأم تروي الحِكاية قائلة: كان يا ما كان، كانَ هناك عصفورٌ صَغير يَلعبُ لوحدهِ في البُستان، وفجأة دخلت شوكة في إحدى قدميهِ، حَاول أن يُخرجها لكنهُ لم يستطع، فطارَ وهو يتألم ويَبكي ويَنظرُ هُنا وهُناك لعلهُ يرى أحداً ليُخرج لهُ الشوكة.
شاهدَ العَصفور مِن بعيد إمرأة عجوز تخبزُ الخُبز فتقدمَ نحوها وهو يَبكي ويَصرخ مِن الألم قائلاً: آه.. آه.. آه يا قدمي.
نظرت العَجوز إلى العَصفور بحَنان وسألتهُ قائلة: ما بك أيُّها العَصفورُ الصغير لماذا تبكي؟! هل تتألم مِن شيء؟!
فأجابها العَصفور وهو يَبكي ويتأوه قائلا: آه .. آه مِن الألم يا سيدتي، كنتُ ألعبُ في البُستان وفجاءةً دَخلت شوكة في قدميِّ وهي تؤلمني كثيراً حَاولت أن أخرجها لكني لم أستطع، لا أدري مَاذا أفعل؟
فأجابت العَجوز بحنان قائلة: لا تبكي أيُّها العَصفور الصغير، تعالَ لأخرج لك تلك الشوكة.
تقدمَ العَصفور نحو العَجوز وهو يَبكي مِن شدةِ الألم، وما أن رأت العَجوز الشوكة؛ حتى أخرجتها مِن قدمهِ ورمتها في نار التنور الذي كانت تخبزُ الخبز فيهِ وهي تردُّ بغضب قائلة: لتذهبي إلى الجَحيم أيتها الشوكة اللعينة.
ولما رأى العَصفور ما فعلتهُ العَجوز بالشوكةِ، حتى أخذ يَبكي مرة أخرى فأستغربت العَجوز؟!
فسألتهُ بإستغراب قائلة: ماذا جرى أيُّها العَصفور؟! ولماذا تبكي مرة أخرى؟! لقد أخرجتُ لك الشوكة ورَميتها في النار؛ حتى لا تدخل في قدمِّك مرة أخرى!؟
أجابَ العَصفور وهو ما يَزال يبكي قائلا: لماذا رَميتِ الشوكة في النار أردتُ أن أراها وأحتفظ بها، (وأخذ العَصفور يبكي ويَصرخ) وهو يَصيح قائلاً: أريدُ شوكتي، أريد شوكتي.
قاطعت فلة أمها بعصبية قائلة: يا لهُ مِن عَصفور سخيف، لو كنت مكان تلك العَجوز لمَا أخرجتُ تلك الشوكة مِن قدمهِ طالما أرادَ الأحتفاظ بها!
فأجابت الأم بأبتسامة قائلة: الحق معكِ يا فلة فبدلاً أن يَشكر السيدة العَجوز على مُساعدتِها أخذ يتمردُ ويُطالب بالشوكة، ولكن دعيني أكملُ لك الحِكاية.
فطلبت فلة بلهفة قائلة: هيا أكملي، وماذا حدثَ بعد ذلك؟
أستمرت الأم وهي تروي الحِكاية قائلة: حَزنت العَجوز على العَصفور ولا تعرف كيف تراضيهُ، ليكف عن البكاءِ والصراخ.
وبعدَ التفكير أجابت السيدة العَجوز قائلة: أنا آسفة أيُّها العَصفور الصغير فلم أعلم إنك كنت تريد الأحتفاظ بالشوكة يا عزيزي، حسناً لا تبكي فسوف أعطيك رغيفاً طازجاً ولذيذاً.
هدأ العَصفور وكأنهُ كان ينتظر سَماع هذا الكلام فأجاب بفرح قائلا: حسناً، أقبلُ بعرضكِ، هاتِ رغيفي لأرحل.
فأبتسمت السيدة العجوز وأعطتهُ رغيفاً حاراً وطازجاً وهي تخبرهُ قائلة: خذ الرغيف أيُّها العَصفور الصغير وعد إلى مَنزلِك وأنتبه جيداً لنفسك مرة أخرى مِن الأشواك حين تلعب. 
سرَ العَصفور كثيراً بالرغيف، فأخذها بلهفة وطار بعيداً وهو يُودع السيدة العجوز قائلاً: حسناً، سوف أنتبه جيداً حينما ألعب، وداعاً أيتها السيدة الطيبة، وشكراً على الرغيف.
قاطعت فلة أمها مرة أخرى بعصبية قائلة: يا لهُ مِن عَصفور ماكر يا أمي كيف بَدل الشوكة برغيفٍ طازج؟!
أبتسمت الأم بحنان وأجابت قائلة: رُبما كان جائعاً يا عزيزتي، وتحججَ بهذه الحجة لينال رغيفاً مِن تلك العَجوز الطيبة.
فأجابت فلة بلهفة قائلة: حسناً يا أمي أكملي الحِكاية، وماذا جرى للعَصفور بعد ذلك؟!
أستمرت الأم قائلة: وبعدها طار العَصفور بعيداً، ثم سَمع أصوات الفرح والزغاريد، فلمحَ موكب عُرس مِن بعيد في أحدى القرى، حيث كانوا يأخذون العروسة على الحصان إلى حيث بيتها الجديد في ظل الأهازيج والزغاريد والغناء، نظرَ العصفور إليهم بلهفة فأغراهُ مَوكب العَروس وتمنى لو يشاركهم بهذا الفرح، فأقترب مِن المَوكب وأخذ يُحلق فوق حِصان العَروس.
وبعد أن تعبَ مِن التحليق أقتربَ مِن العَروس وسألها قائلا: أسمعي أيتها العَروسة الجميلة هل أستطيع أن أضع رغيفي هذا عندكِ لأذهب لقضاء حاجتي ثم أعود لأخذها؟
نظرت العَروس إليهِ وأجابتهُ وهي على حصانها قائلة: حسناً أيُّها العصفور، سوف أحتفظ لك بها إلى حين عودتك، ولكن لا تتأخر فسوف نصل بعد قليل إلى حيثُ بيتي الجديد.
أعطى العَصفور رغيفهُ للعروسة قائلاً: حسناً، سوف أعود بعد قليل.
فطارَ العَصفور لقضاءِ حاجتهِ، وبعد عودتهِ سأل العروسة قائلا: أين رغيفي أيتها العَروسة؟!
أجابت العَروس بخجل قائلة: بعد أن طرت بعيداً وتأخرت، شعرتُ بالجوع ولم أستطع الأنتظار فأكلت رغيفك الطازج وكان لذيذاً جداً، أنا آسفة أيُّها العَصفور.
قاطعت فلة أمها مرة أخرى وصاحت بعصبية قائلة: يا لها مِن عروس جشعة آلا تخجل مِن هذا العمل؟!، كيف أكلت رغيف هذا العَصفور الصغير؟!
أبتسمت الأم وأجابت قائلة: مَن يجوع يا حبيبتي يأكل أي شيء يراهُ أمامهُ، كان يجب على العَصفور أن يأكل رغيفهُ في الحال عندما أعطتهُ السيدة العَجوز.
فأجابت فلة قائلة: صحيح يا أمي يا لهُ من عصفور غبي، حسناً وماذا جرى بعد ذلك؟
أستمرت الأم قائلة: ظل العَصفور يبكي ويصرخ أريد رغيفي، أريد رغيفي.
توسلت العَروس إليه قائلة: أرجوك أيُّها العَصفور الصغير لا تفضحني وأنا في موكب عُرسي ويوم زفافي، ولا تبكي في يوم فرحي، تعال وأجلس بجانبي على الحِصان وستبقى معي إلى أن نصل إلى بيتي الجديد، وهناك سوف أهتمُ بكَ وأعطيك في كل يوم رغيفاً حاراً وطازجاً.
وهنا سكت العَصفور وأقتنع بكلام العَروس، فجلس بجانب العَروس على الحِصان مُفتخراً في ظل مَوكبها سعيداً لمشاركتهِ بزفاف العَروس، حالماً بالرغيف الطازج الذي سوف يَحصل عليهِ كل يوم دون عناء.
وهكذا عاش العَصفور في بيتِ العَروس وهو يحصل كل يوم على خبزٍ طازج ولذيذ وعَاش سعيداً، وأنتهت الحِكاية. 
فأجابت فلة قائلة: أعتقد يا أمي أنهُ ليس عَصفورٌ غبي بل ذكيٌ جداً!
فأجابت الأم قائلة: أجل يا حبيبتي، فبدل رغيفٍ واحد أستطاعَ بذكائهِ أن يَحصل كل يوم على رغيفٍ طازج، وألآن حان موعد نومكم أنتِ نونة.
فقبلت الأم جبين أبنتها بحنان قائلة: تصبحين على خير يا حبيبتي.
فأجابت فلة والنعاس يملأ جفونها قائلة: تصبحين على خير يا ماما.
ثم حَضنت فلة عَروستها نونة وقبلتها قائلة: تصبحين على خير يا نونة، كانت حِكاية اليوم جميلة وقد أستمتعنا بها.
نامت فلة الصغيرة وهي تحلق مع العَصفور في أحلامها وعالم الطفولة السعيدة.

الأحد، 20 يناير 2013

الغوّاصون السبعة قصّة للأطفال بقلم: محمد محيي الدين مينو

الغوّاصون السبعة

 

محمد محيي الدين مينو

(واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا) آل عمران 3/ 103

 

تنادى سبعةٌ من الغوّاصين الأشدّاءِ من أقصى الخليجِ وأدناه، فرَسَتْ زوارقُهم على شاطئِ مدينةِ ( الوَصْلِ )، وأخذوا يُعدّون العُدَّةَ لرحلةِ غوصٍ مشتركةٍ، لا هدفَ لها إلاّ دانةٌ ذاتُ سحرٍ عجيبٍ، تقولُ الأساطيرُ: " إنّ بريقَها يحيلُ الّليلَ نهاراً، أينما أضاء تفتّحتِ الأزهارُ، وغرّدتِ الأطيارُ ".



ويزعمُ كثيرٌ من الغوّاصين أنّ الدُّرّةَ استقرّتْ في أعماقِ مَغَاصةٍ، تحرسُها عرائسُ البحرِ، وكلّما سعَوا إليها بَهَرَ بريقُها اللامعُ عيونَهم، فارتدّوا خائبين.



ويُقالُ: " كان في قديمِ الزمانِ ملكٌ ظالمٌ، اسْتَجْلَبَ من جنودِه هذه الدانةَ في غَمْضَةِ عينٍ، فهَلَكُوا. وبعد زمنٍ حازَ الملكُ الدُّرّةَ من قُرْصانٍ، غافلَ يوماً عرائسَ البحرِ، واختلسَها، فهاجَ البحرُ، حتّى كادَ أن يغرقَ المملكةَ، فأشارَ عليه حكيمٌ أن يعيدَها إلى مَغاصتِها في عُرْضِ البحرِ، وحين أعادَ الملكُ الدُّرّةَ إلى مكانِها، هدأتِ الأمواجُ، وأشرقتِ الشمسُ، وصارَ الملكُ عادلاً ".



حكاياتُ الدانةِ عجيبةٌ غريبةٌ، يرويها الأجدادُ للآباءِ، ويقصُّها الآباءُ على الأبناءِ، والدانةُ أمنيةٌ، تراودُ الصغارَ والكبارَ من أهلِ الخليجِ، فكلّما غَفَوا رأوها في أحلامِهم، وكلّما أَعْوَزَهم الدهرُ غاصوا في البحرِ على اللآلىءِ، فمنهم مَنْ  يعودُ خائباً أو رابحاً، ومنهم مَنْ لا يعودُ.        

 

من بعيدٍ..

تعالى صوتُ نَهّامٍ، يردّدُ مواويلَ ( الماجديِّ بنِ  ظاهرٍ )، وأخذتِ مراكبُ (السَّنْـبُوْكِ) تلوحُ في الأفقِ، كأنّها النوارسُ، فخفقَ  قلبُ راشدٍ، ولوّحَ لها بيديه المعروقتين.



واحداً في إثرِ واحدٍ رَسَتِ ( السَّنابيكُ ) على شاطئِ ( الوَصْلِ )، ونزلَ منها رجالُها الأشدّاءُ، والدُّرّةُ تَهْجِسُ في صدورِهم آمالاً، لا تُعدُّ، ولا تُحصى.



تعانقَ الإخوةُ السبعةُ، وتعاهدوا على البحثِ عن الدُّرّةِ العجيبةِ، وأقسموا على الوقوفِ في وجهِ المخاطرِ وَقْفةَ رجلٍ واحدٍ، لا يهابُ وحوشَ البحرِ وأمواجَه، ولا يخشى شمسَه اللافحةَ وأعماقَه السحيقةَ.



كان راشدٌ قد أقامَ على الشاطئ حَوْشاً من ( الجَنْدَلِ ) و( الدعونِ ) ، يَقيهم هَجِيْرَ الظهيرةِ، وأعدّ في ( سَنْبوكٍ ) كبيرٍ ما يكفيهم من المِيْرَةِ والتمرِ والماءِ أسبوعاً أو بعضَ أسبوعٍ، ثمّ تركَهم يَقِيْلون.



لم يَغْمَضْ لراشدٍ عينٌ، وهو يتوسّدُ ذراعَه، ويتشوّقُ إلى الانطلاقِ في مغامرةٍ جديدةٍ، ربّما تكشِفُ سرَّ الدانةِ الكبيرَ. والدانةُ حُلُمُ راشدٍ منذ صغرِه، يكبرُ، فتكبرُ معه، حتّى تصيرَ كالبدرِ في الليلةِ المُقْمِرةِ، وكلّما عزمَ والدُه على غوصٍ، تعلّقَ راشدٌ بأَرْدانِه باكياً، وألحَّ عليه أن يصحبَه في هذه الرحلةِ أو تلك، ولكنّ الوالدَ ذهبَ مرّةً في رحلةِ غوصٍ طويلةٍ، ولم يعدْ. بكى راشدٌ والدَه بكاءً مُرّاً، وصمّمَ أن يصبحَ مثلَه غوّاصاً ماهراً، لا تُعْجِزُه لآلئُ، ولا تُـثنيه مخاطرُ. ما زال يذكرُ أنّ والدَه أوصاه بالبحثِ عن الدانةِ، مهما كانتْ ظروفُ البحرِ وأحوالُه، وأودعه صندوقاً خشبيّاً مُطَعَّماً بالأصدافِ، لا يفتحُه إلاّ عندما يصبحُ قادراً على الغوصِ.



هاهي ذي ساعةُ الصفرِ قد دَنَتْ، والصّندوقُ مغلقٌ منذ سنواتٍ طويلةٍ، لا يعرفُ راشدٌ ما يحويه من الأسرارِ، ومِفتاحُه معلّقٌ كالقِلادةِ في عُنُقِ راشدٍ منذ كان صغيراً، لا يَغْفُلُ عنه، ولا ينساه.



فتحَ الصندوقَ، فانبعثَ منه نورٌ، يَخْلُبُ الألبابَ، ويَبْهَرُ العيونَ، فالصندوقُ زاخرٌ بلآلئَ من مختلِفِ الألوانِ والأحجامِ، راح راشدٌ يقلّبُها بين يديه، وهو بين مُصدّقٍ ومُكذّبٍ، فرأى تحتها خرائطَ، أَنْعَمَ النظرَ في خطوطِها وألوانِها، فإذا هي مواقعُ ( الهِيْراتِ ) في عُرْضِ البحرِ، والبحرُ دونها مخافةٌ ومتاهةٌ، لا يعرف إلاّ أهلُه عواقبَها المريرةَ.

وحين نهضَ الغوّاصون من غفوتِهم، أطلعَهم راشدٌ على الخرائطِ، وتـوزّعوا بينهم وظائفَ المركبِ، فاختاروا زايـداً - وهو أكبرُهم سنّاً - ( نُوْخَـذَةً )، وانقسموا مجموعتين، إحداهما مجموعةُ ( السُّـيُوْبِ )، وهي: راشدٌ وسعيدٌ وصقرٌ، والأخرى مجموعةُ الغوّاصين، وهي: خالدٌ وحميدٌ وخليفةُ، ثمّ انطلقوا على بركةِ اللهِ، وشمسُ يومِ ( الدَّشَّةِ )  توشكُ وقتئذٍ أن تَأْفِلَ.



شيئاً فشيئاً غاب الشاطئُ عن أعينِهم، فلم يبدُ منه إلاّ رأسُ ( بارجِيْلَ ) وسِرْبُ نوارسَ، ومواويلُ ( النَّهّامِ ) يتردّدُ صداها في الآفاقِ الشاسعةِ.

قالَ زايدٌ ، وهو يحدّقُ في الأفقِ البعيدِ:

- " عجيبٌ أمرُ هذه الدانةِ، فقد شَغَلَتْنا عن أهلِنا وعن أنفسِنا ! هل تظنّون أنّها ستكونُ حقّاً من نصيبِنا ؟ ".



أجابَ راشدٌ في عزيمةٍ وإصرارٍ:

- " هي قدرُنا وقدرُ أجيالِنا القادمةِ. سنفتّشُ عنها - يا زايدُ - في هِيْراتِ الخليجِ كلِّه واحدةً واحدةً، حتّى نحظى بها. ستبدّدُ من حولِنا هذا الظلامَ الدامسَ، وتجعل أيّامَنا نهاراً دائماً. ستحيلُ صحراءَنا القاحلةَ نخيلاً وسِدْراً، وستتعالى في سمائِنا المآذنُ والجباهُ ".



شدّ زايدٌ على يدِ راشدٍ، وتعاضدَ الإخوةُ، حتّى صارتِ الأيدي قبضةَ رجلٍ واحدٍ، لا يقوى أحدٌ - مهما بلغ من القوّةِ  - على صدِّها، والمركبُ يَمْخُرُ عُبابَ  البحرِ، فلا يُسمعُ في هَدأةِ الليلِ إلاّ اصْطِخابُ أمواجِه.



في طريقِهم الطويلةِ لاحتْ فجأةً سفينةٌ، تتّجه إليهم من بعيدٍ، فنهضوا لها مُستعدّين مُتوفِّزين، وتراءتْ لهم مثلَ غُرابِ الزاغِ، تُبديها الأمواجُ تارةً، وتُخفيها تارةً أخرى. والبحرُ وحوشٌ وقراصنةٌ ومخاطرُ.. لا مفرَّ من مواجهتِها، فإمّا أن يكونَ البحّارُ شجاعاً مِقداماً، وإمّا  ألاّ يكونَ..

قال راشدٌ، وهو يطوي الخرائطَ، ويستلُّ خِنْجَرَه من غِمْدِه:

- " إنّهم قراصنةٌ، والخليجُ لا يخلو -  يا زايدُ - من سفنِ القراصنةِ ".



فقال زايدٌ:

- " الخليجُ آمنٌ، ولعلّهم تجّارٌ أو صيّادون ".



قال راشدٌ:

- " لنتهيَّأْ لهم، ولنحْذَرْهم، فربّما كانوا قراصنةً حقّاً ".



فقال زايدٌ، وهو يرفعُ رايةً حمراءَ وبيضاءَ على ساريةِ المركبِ:

- " الحذرُ - يا راشدُ - لا يُنجي من القدرِ ".



رويداً رويداً اقتربتِ السّفينةُ، فبـدا على مقدّمتِها نقشُ مِرْساةٍ، يذكّرُ أنّها سفينةٌ من سفنِ البرتغاليين القديمةِ، والبرتغاليّون في زمنٍ غابرٍ كانوا قراصنةَ الخليجِ، وكلّما دَنَتْ أكثرَ انبعثتْ منها رائحةُ البَخَورِ، فاطمأنَّ الغوّاصون، واستبشروا خيراً، لأنّهم كانوا يعرفون أنّ مثلَ هذه السفنِ القديمةِ كانتْ تجلُبُ البخورَ من ( ظُفار )، وتقصِدُ ساحلَ (الوَصْلِ)، لتتزوّدَ بالسمكِ المجفّفِ، وتحملَ مختلفَ أنواعِ اللآلىءِ والتمورِ، وهي في طريقِها إلى بلادِ الهندِ.



تساءلَ راشدٌ، ويدُه مازالتْ تقبِضُ على خِنْجَرِه:

- " ماذا تريدُ السفينةُ منّا إذن في هذه الساعةِ المتأخّرةِ من الليل ِ؟!  ".



قال زايدٌ:

- " ربّما كانت في مَأْزِقٍ، وربّما احتاجتْ معونةً ما. تمهّلْ، تمهّلْ قليلاً، يا راشدُ حتّى تقتربَ السّفينةُ أكثرَ ".



على مَهَلٍ وصلتِ السفينةُ، وحاذتْ برفـقٍ مركبَ الغوّاصين السبعةِ، ثمّ لاحَ قُبطانٌ، اعْتَمَرَ كُوفيـّةً مُلوّنةً، وائْتَزَرَ ثوباً مخطّطاً، وانْتَطَقَ بخِنْجَرٍ ذهبيٍّ معقوفٍ، فبـدا للوهلةِ الأولى أنّه رجلٌ عربيٌّ من (عُمانَ).



علا البِشْرُ والسرورُ وجهَ النُّـوْخَذَةِ زايدٍ، وبعد أن حيّاه الرجلُ بادره بالسؤالِ:

- " إلى أين وُجْهَتُكم، أيّها الرجالُ ؟ ".



أجاب زايدٌ، وهو يشيرُ إلى الأفقِ البعيدِ:

- " وُجهتُنا نحن الغوّاصين تلك الهِيْراتُ في عُرْضِ البحرِ ".



ثمّ أردفَ الرجلُ ناصحاً:

- " أرجو ألاّ تجروا وراءَ الدانةِ التي أعجزتْ من قبلِكم  بعضَ الغوّاصين، وأهلكتْ بعضَهم الآخرَ. هذه الطّريقُ لا يقصِدُها إلاّ قُرصانُ، ولا يلجأُ إليها إلاّ اللصوصُ. لقد أغرتْ هذه الدانةُ المزعومةُ أهلَ الغوصِ، فلهثوا وراءَ بريقِها الخادعِ منذ زمنٍ بعيدٍ، فمنهم مَنْ خرج من البحرِ سالماً معافىً، ومنهم مَنْ هَلَكَ. ( جَرْجورُ ) البحرِ هنا مفترسٌ، لا يرحمُ أحداً، والمَغَاصاتُ هناك خاويةٌ، لا محارَ فيها ولا لؤلؤَ.. ".



قاطع زايدٌ الرجلَ، وقال له:

- " معي رجالٌ أشدّاءُ من أقصى الخليجِ وأدناه، خَبِرُوا البحرَ، وعرفوا أسرارَه وأغوارَه. سنجرّبُ حظَّنا معاً، فإن لم نحظَ بالدانةِ، حظينا بنصيبٍ وافرٍ من اللآلئ ". 

قال الرجلُ العُمانيُّ، وهو يرفعُ يديه إلى السماءِ:

- "باركَ اللهُ الرجالَ، وشدّ أَزْرَهم، وقوّاهم. على بركةِ اللهِ ذهابُكم وإيابُكم ".



شكرَ زايدٌ للرجلِ نصائحَه ودعواتِه، ولوّحَ له بيدِه مودّعاً، ثمّ عاد إلى مجلسِه في مُقدّمةِ المركبِ، يضربُ صفحةَ البحرِ بمجدافِه العنيدِ، فيشقُّ المركبُ الماءَ بإصرارٍ وعزيمةٍ، والليلُ بدأ يُسْفِرُ عن صباحٍ ساحرٍ، علا جبـاهَ الغوّاصين السبعةِ، فأشرقتِ الشمسُ.



بدأ نهارٌ آخرُ، والمركبُ يَنْهَبُ البحرَ الذي يمتدُّ أمامَ الأعينِ بعيداً بعيداً، ليعانقَ أعنانَ السماءِ عِناقاً خالداً. وفي هذا التِّيْهِ الأزرقِ أخذتْ تلوحُ مراكبُ الغوصِ، وتتراءى لهم مثلَ قطيعٍ من الإبلِ شاردٍ في صحراءَ موحشةٍ متراميةِ الأطرافِ، مراكبُ مختلفةٌ من هنا وهناك، لا هدفَ لها إلاّ الدانةُ العجيبةُ التي شغلت أهلَ الخليجِ عن أعمالهم حتّى  ارتدمتِ الأفلاجُ، ويبسَ الزرعُ.



هدأتْ رياحُ الكُوْسِ، وتطايرتْ نوارسُ، وتناثرتْ جُزُرٌ، تبدو تارةً، وتختفي تارةً أخرى.. والغوّاصون السبعةُ تركوا مجاديفَهم، وراحوا يطوون شراعَ المركبِ اللاهثِ الذي أخذَ يستقرُّ بعد أن ألقى النُّوْخَذَةُ المِرْسـاةَ إلى أعماقِ البحرِ.



فتحَ راشدٌ الخرائطَ، وجعلَ يستطلعُ ما فيها من المواقعِ، ثمّ التفتَ إلى زايدٍ، وقال له، وهو يشيرُ إلى موقعٍ على الخريطةِ:

- " لنبدأْ من هنا من مغاصةِ ( أمِّ الحطبِ ) حصادَنا، فربّما كان اليومَ وافراً. هذه المِنطقةُ أغنى هِيْراتِ الخليجِ، ولعلّها ليست عميقةً كثيراً ".



قال زايدٌ متسائلاً:

- " متى كان الغـوّاصُ يخشى أعماقَ البحرِ ؟! تزعـمُ الحكاياتُ - يا راشدُ _ أنّ الدانةَ في أعماقٍ سحيقةٍ، يَطالهُا إنسٌ ولا جنٌّ ".



التفتَ راشدٌ إلى السِّيْبِ خالدٍ، وقال له:      

- " ابْلِدْ، يا خالدُ، فالبِلْدُ سبعةٌ، والبحرُ سبعةٌ " .



ألقى خالدٌ بِلْدَ الرصاصِ الثقيلَ في الماءِ، وأرخى له الحبلَ حتّى يهوي إلى الأعماقِ، وحين شعرَ أنّ البِلْدَ قد استقرَّ في القاع، سحبَ الحبلَ، وقدّره، فوجده تسعةَ عشرَ باعاً، والدهشةُ تعلو وجوهَ الغوّاصين أسئلةً متلاحقةً ! 

نظر زايدٌ في وجوهِم الواجمةِ، وسألهم:        

- " من منكم سيكونُ النزيلَ الأوّلَ ؟ الأعماقُ هنا سَحيقةٌ، والخيرُ - إن شاء اللهُ - وافر ".



بَرَقَتْ أساريرُ خالدٍ، وقال من فَوْرِه:

- " هذا الموقعُ مَنْزِلُنا، سنجرّبُ أنا وراشدٌ حظَّنا هنا، فربّما كانتِ الدّانةُ من نصيبِنا ".



أعدّ راشدٌ حبلَ الإنقاذِ، وارتدى خالدٌ لباسَ الغوصِ، ثمّ راح يَنْزلُ ويَصْعدُ، وهو يحملُ في ( الدِّيِـيْن ) مَحَاراً معدوداً، وبعد دقائقَ لاح رَجْفُ الغوصِ وسُكْرُه على وجهِ خالدٍ، فارتمى على سطحِ المركبِ، وجسمُه ينتفضُ مثلَ طائرٍ ذبيحٍ.



خيّبَ هذا الحصادُ الهزيلُ آمالَ الغوّاصين، ولكنّ زايداً شدّ على أيديهم قائلاً، وهو يشيرُ إلى سَلّةِ المَحَارِ:

- "هذا أبو سبعةِ أرزاقٍ، ما ينقطعُ رزقُ الإنسانِ منه " .



ثمّ راح يمسحُ بيدِه على رأسِ خالدٍ، ويقرأ آياتٍ من القرآنِ الكريمِ، وخالدٌ يَهذي بالدانةِ وعروسِ البحرِ هذياناً مسموعاً.



انتقلَ الرَّكْبُ إلى مَغَاصةٍ أخرى، نزلها حميدٌ هنيهةً، ثمّ صعِد بسرعةٍ، وهو يلهثُ قائلاً:

- " لم أرَ هنا سوى قناديلِ البحرِ الوديعةِ، خشيتُ أن أقتربَ منها، لأنّ لسعةً واحدةً منها تصيبُ الغوّاص بالحمّى أيّاماً ".



ثمّ مرّوا بمغاصةِ ( حَلْجٍ )، فنـزلها آخرُ الغوّاصين خليفةُ، ولكنّه سُرعان ما عاد واجماً، والخيبةُ تعلو وجهَه، وقال:

- " لقد تحوّلَ البحرُ مَكَبّاً للسفنِ العابرةِ حتّى نَدَرَ المحارُ، وقلّتِ الأسماكُ. إنّ البحرَ - أيّها الغوّاصون - يحتاجُ إلى حمايةٍ ونظرةِ عطفٍ ".



هزّ الغوّاصون رؤوسَهم، والأسى على حالِ صديقِهم البحرِ يملأُ وجوهَهم. ومنذ ذلك المساءِ قرّرَ الغوّاصون ألاّ يتركوا البحرَ وحيداً في وجهِ المخاطرِ، فغَفَوا ليلتَهم، وهم يحلمون.



في الصباحِ استيقظ الغوّاصون على جَرْجورٍ مفترسٍ، يهزُّ المركبَ هزّاً عنيفاً، فأفرحهم هذا الصيدُ الثمينُ، وأخذوا يرمونه بالحِرابِ حتّى أوقعوا به في شِباكِهم، وحملوه معاً إلى سطحِ المركبِ، والبحرُ يصطبغ بدمٍ قانٍ. وحين صحا خالد جَعَلَ ينظرُ في عيونِ الغوّاصين اللاهثةِ، وهم يَفْلِقُون المَحَارَ، ويقولُ لهم ضاحكاً:

- " لن تحظَوا بالدانةِ، لأنّها ما زالتْ هناك في مَغَاصةِ ( أمِّ الحطبِ )، تحرسُها عرائسُ البحرِ، وتحومُ حولَها قراصنةٌ ولصوصٌ ".



واحدةً واحدةً فَلَقَ الغوّاصون المَحَارَ، ووجوهُهم واجمةٌ، فلم يعثروا إلاّ على لآلئَ من مختلِفِ الألوانِ والأحجامِ، لا دانةَ بينها ولا أملَ.. وحين علا صوتُ النُّوْخَذَةِ زايدٍ قائلاً: " لا إلهَ إلاّ اللهُ ، لا إلهَ إلاّ اللهُ "، رفعوا رايةً حمراءَ وبيضاءَ على أعلى ساريةِ المركبِ، ونشروا أشرعتَه، وقَفَـلُوا عائدين إلى شاطئِ ( الوَصْلِ )، والنَّهَّامُ يغنّي أهازيجَ يومِ (القُفَّالِ)، فيختلجُ الحنينُ إلى الأهلِ في النفوسِ، وتتراءى في الأفـقِ القريبِ صورٌ وذكرياتٌ.



في طريقِ العودةِ راح الغوّاصون يتذكّرون لحظاتِهم العصيبةِ في أعماقِ البحرِ، فقال خالدٌ، ويدُه تلوحُ  في الوجوهِ:

- "  لا أعتقدُ أنّ في البحرِ مَغَاصةً مَخُوْفةً مثلَ ( أمِّ الحطبِ ) ! إنّها مأوى ثعابينِ البحرِ، كأنّها تحرسُ المَحَارَ، وتترصّدُ الغوّاصين. أحدها بدا هادئاً، وحين اقتلعتُ من قربه مَحَارةً هاجَ وماجَ، فهززتُ من فَوْري حبلَ ( الزِّيْبَنِ ) سبعَ مرّاتٍ، فانتشلني راشدٌ من الماء بسرعةٍ مذهلةٍ، وأنا في الرَّمَقِ الأخيرِ ".



وبينما أخذَ الغوّاصون يروون ما رأوه في أعماقِ البحرِ من أهوالٍ كان المركبُ يمخُرُ عُبابَ الخليجِ، حتّى لاحتْ من بعيـدٍ شواطئُ ( الوَصْلِ )، فخفقتْ قلوبُـهم بشدّةٍ، وترقرقتْ الدموعُ في أعينِهم، والنوارسُ تتـطايرُ إليهم، وتحومُ فوق رؤوسِهم.



كان ثَمّةَ رجالٌ يرقصون ( العَيّالةَ )، وكانت النساءُ ترقصْنَ ( النـُّوبانَ )، وكان في استقبالِهم شيخٌ عجوزٌ، يتوكّأُ على عصاه الغليظةِ، وحين رآهم يجرّون وراءهم جَرْجوراً، قال، وهو يضحكُ:

- " أتستبدلون بالدانةِ جَرْجوراً هزيلاً ؟! أين الدانةُ، أيّها الغوّاصون الأشدّاءُ ؟ إنّ الدانةَ هي أنتم، باركَ اللهُ بكم، وسدّد خطاكم ".



ثمّ أخذ عصاه الغليظةَ، وكتب على الرمالِ تاريـخَ عودتِهم من الغوصِ سالمين غانمين، والبحرُ في ذلك اليومِ هائجٌ مائجٌ على غيرِ عادته في مثلِ هذه  الأيّامِ من شهرِ ديسمبرَ.



في ذلك الصباحِ.. صباحِ الثاني من ديسمبرَ عامَ ألفٍ وتسعِمئةٍ وواحدٍ وسبعين كانتِ الأمواجُ تتكسّرُ على شاطئِ ( الوَصْلِ ) موجةً في إثرِ موجةٍ، وكان ما كتبه الرجلُ العجوزُ على الرمالِ الذهبيّةِ بعصاه الغليظةِ شاهداً خالداً على رحلةِ الغوّاصين السبعةِ، لا تستطيعُ الأمواجُ العاتيةُ أن تمحوه من شاطئِ البحرِ وذاكرة التاريخِ.

 
1- الحَوْش: بيت يبنى على شاطئ البحر من الجندل والدّعون، والجندل: أعواد الخشب، والدعون: حزمة من جريد النخل.
2- يوم الدّشّة هو أوّل أيام الغوص، ودشّ في العاميّة: دخل، ويوم القُفّال هو يوم العودة منه وانتهاء موسمه.
3- مثل شعبيّ يعني أنّ طول البِلْد سبع باعات وعمق البحر سبع باعات، والبلد: ثقّالة من الرصاص، تصنع على شكل كرة، تربط بنهاية حبل مُعَلَّم بعلامات، يكون ما بين العلامة والعلامة باع، ويقذف في البحر لقياس أعماقه قبل الغوص، والباع: مسافة ما بين الكفّين إذا انبسطت الذراعان يميناً أو شمالاً. يقولون: ابْلِدْ، أي: ارْمِ البِلْد في الماء. ويضرب هذا المثل في الشيء أو المال يسدّ الحاجة دون فائض ولا زيادة.
4- مثل شعبيّ يضرب في اللؤلؤ وما يدرّه من رزق وافر.